“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة

“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة

شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان,تحليل قصيدة سينية البحتري pdf,تحليل بلاغي لقصيدة البحتري,وعظ البحتري إيوان,سينية البحتري وشوقي,سينية البحتري دراسة أسلوبية,قصائد البحتري مع الشرح,صنت نفسي عَمّا يدنس نفسي pdf,سينية شوقي علي كوريكسا.

سنرى أجمل قصائد البحتري على الإطلاق فى وصف أطلال إيوان كسرى والجدران التى رسمت عليها معارك دارت رحاها بين الروم والفرس عام 540 ميلادى، فلنرى دقة وصف البحترى ومدى قدرتة على تصوير مكان يجعل القارىء وكأنه يرى نفس المكان أو كأنما القارىء لا يقرأ قصيدة بل يشاهد لوحة فنية رسمها رسام .

شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان

“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة
  • تحليل قصيدة سينية البحتري pdf
  • تحليل بلاغي لقصيدة البحتري
  • وعظ البحتري إيوان
  • سينية البحتري وشوقي
  • سينية البحتري دراسة أسلوبية
  • قصائد البحتري مع الشرح
  • صنت نفسي عَمّا يدنس نفسي pdf
  • سينية شوقي

مناسبة النص :
كانت ” المدائن” عاصمة بلاد الفرس قبل أن يفتحها المسلمون و كان مقر الملك ويسمى ” القصر الأبيض “و في وسطه “إيوان كسرى” و هي قاعة كان يجلس فيها . وعلى جدرانها دارت معركة إنطاكية بين الفرس و الروم .

وقد أصبح هذا القصر من الآثار الرائعة بعد زوال دولة الفرس . و قد كان البحتري الشاعـــــر المقرب لدى الخليفة العباسي المتوكل، وعندما قتل حزن عليه و رثاه فضاق به ابن المتوكل الذي كانت له يد في قتل أبيه ،و شعر منه بجفوة و فترت العلاقـــة بينهما فامتلأت نفس البحتري هماً و ذهب إلى المدائن في رحلة يسلي بها نفسه ، فوقف أمام قصور الفرس الشاهدة على تلك الموقعة , واخذ يصفها وصفا حسياً رائعاً ،ثم يبيّن تاريخهم وعظمتهم ، وهذه القصيدة تقع في ست وخمسين بيتــــاً جاءت على وزن ( البحر الخفيف ) وقافيتها سينية.

تحليل قصيدة سينية البحتري pdf

خصائص أسلوب الشاعر :

1.الأفكار: فيها تامل و تلرتيب و تسلسل و لكنها بعيدة عن التعقيد و الغموض فهي واضحة تكشف عن صفاء الذهن و حسن التفكير .
2.الصور :تعتمد على التصوير الكلي و التصوير الخيالي الجزئي و تدل على قوة العاطفة و صدقها و دقة الحس و براعة التكوين ،و الجمع بين اللون و الصوت و الحركة و الهيئة نو تعبر عن إعجاب بالحضارة الفارسية في فن البناء و الرسم كما توحي بما يختلج نفس الشاعر من هموم و آلام .
3.التعبير :يقوم على مبدأ الانتقاء للألفاظ ز حسن تنسيقها و إحكام صياغتها و البعد عن الغرابة و التنافر .
4.الموسيقى الخارجية :من البحر الخفيف و حرف السين الذي يتميز بالهمس لأنه خائف متوجس.
تبدو بعض ملامح شخصية البحتري من خلال النص : فهو مخلص لصديقه المتوكل ،حزين لما أصابه من غدر و خيانة على يد ابنه المنتصر ، و هو فنان يتذوق الرسم و يتأثر به ،و هو منصف غير متعصب فلم يمنعه إخلاصه لقوميته العربية من إعجابه بحضارة الفرس و ثنائه عليهم .

“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة

تحليل بلاغي لقصيدة البحتري

تحليل النص

الفخر بالنفس
1- صُنْتُ نَفسي عَمَّا يُدَنِسُ نَفْسي وتَرَفَّعْتُ عن جَدا كل جِبْسِ
2- وتماسَكتُ حينَ زَعزَعني الدَّهـ ـرُ التماساً منه لتَعْسِي ونَكْسي

المفردات :

1- صنت : حفظت ، يدنس : يوسخ ، جدا ( جدو ) : العطاء ، جبس : اللئيم الجبان ..
2- زعزعني : حركني بشدة ، نكسي : إذلالي ..

الشرح :

1- يفتخر الشاعر بنفسه حيث أنه حفظ نفسه من كل ما يسيء إليه ويلوث سمعته ، فقد ترفع عن طلب العطاء من الجبان اللئيم ..
2- وقد أراد الدهر أن يذلني ويقهرني لذلتي لكنني تماسكت أمام عوادي الدهر وقابلتها بخلق قوي وعزم راسخ ..

الجماليات :

1- الأسلوب في ( صُنْتُ نَفسي عَمَّا يُدَنِسُ نَفْسي ) خبري الغرض منه التقرير ، وكذلك في (وتَرَفَّعْتُ عن جَدا كل جِبْسِ ) ، وهو يجري مجرى الحكمة ..
التصريع بين الشطرين له أثر موسيقي في افتتاح القصيدة ..
استخدم الشاعر الحروف الهامسة كحرف السين مثل تكرار حرف السين في ( نفسي ، يدنس ، نفسي ، جبس ) مما يشعر السامع أن الكلمات تريد أن تتجاذب فيما بينها ..
2- الأسلوب في (وتماسَكتُ حينَ زَعزَعني الدَّهـرُ التماساً منه لتَعْسِي ونَكْسي) خبري الغرض منه التقرير ..
( تماسكت ، زعزعني) طباق يوضح المعنى ويبرزه ..
( زعزعني الدهر ) استعارة مكنية ، حيث جعل الدهر إنسانا وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه (زعزع ) وسر جمالها التشخيص ، وتوحي بقدرة الدهر وقوة نوائبه..

سبب رحيل الشاعر للمدائن:

3- حَضَرَتْ رَحْلِيَ الهُمومُ فوجَّـ ـهتُ إلى أبيضِ المدائنِ عَنْسي
4- ذَكَّرتْنيِهُمُ الخُطوبُ التّوالي ولقد تُذْكِرُ الخطوبُ وتُنْسي

“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة

المفردات :

1- رحلي : (الرَّحْلُ : كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع وغيره )، الهموم : الأحزان ، أبيض المدائن : المراد عاصمة الفرس وهي تتألف من مدائن عدة ، عنسي : ناقتي ..
2- الخطوب : مفردها الخَطْبُ وهو الحال والشأن والأمر الشديد ، التوالي ( ولي ): المتتابعة ..

الشرح

1- يبين الشاعر سبب رحيله حيث كثرت الهموم عليه وكثرت أحزانه لمقتل الخليفة المتوكل ووزيره مما جعله في ضيق من العيش ؛ فدفعه ذلك إلى توجيه ناقته للمدينة البيضاء ليسرِّي عن نفسه بعض ما فيها من الأحزان ..
2- وإن أحداث الدهر والمعاناة التي يعانيها الشاعر في معيشته ومقتل المتوكل ووزيره دفعته لتذكر مصير هؤلاء القوم ، فلا عجب فإن المصائب منها ما يذكرك ومنها ما ينسيك ..

الجماليات :

1- الأسلوب في ( حضرت رحلي الهموم ) و( وجهت إلى أبيض المدائن عنسي ) خبري يفيد التقرير ..
)حضرت رحلي الهموم ) استعارة مكنية حيث شبه الشاعر الهموم بالإنسان وحذف المشبه به وأتى بشيء من لوازمه وهو ( حضرت ) وسر جمالها التشخيص ، وتوحي بشدة الأحزان وقوتها على نفس الشاعر ..
أبيض المدائن ) وصف المدائن بأبيض دلالة على النقاء والصفاء ، فالشاعر يتلمس فيها راحة النفس والبال ..
2- الأسلوب في ( ذكرتنيهم الخطوب التوالي) أسلوب خبري يفيد التقرير..
و( لقد تذكر الخطوب وتنسي) أسلوب خبري يفيد التقرير ، وهو يجري مجرى الحكمة ..
(تذكر ، وتنسي ) طباق يوضح المعنى ويبرزه ..
(ذكرتنيهم الخطوب التوالي ) استعارة مكنية حيث شبه الخطوب المتتالية بالشخص الذي ذكره بالفرس ، وحذف المشبه به وأتى بشيء من لوازمه وهو ( التذكير ) وسر جمالها التشخيص ، وتوحي بكثرة المصائب والأحزان على الشاعر ..
( تذكر الخطوب وتنسي ) ) استعارة مكنية حيث شبه الخطوب بالشخص الذي يذكر وينسي، وحذف المشبه به وأتى بشيء من لوازمه وهو ( يذكر وينسي ) وسر جمالها التشخيص ..

وصف إيوان كسرى :

3- لو تراهُ عَلِمْتَ أنّ اللّيالي جَعَلَتْ فيهِ مأتماً بعدَ عُرْسِ
4- فإذا ما رأيتَ صورةَ أنطاكِيّةَ ارتَعْتَ بينَ رومٍ وفُرْسِ
5- والمنايا مواثِلٌ وأنوشِرْ وانَ يُزجي الصّفوفَ تحت الدِّرَفْسِ
6- وعراكُ الرِّجالِ بينَ يَدَيْهِ في خُفوتٍ مِنْهُم وإغماضِ جَرسِ
7- تَصِفُ العينُ أَنَّهم جِدُّ أحياءِ لَهُم بَيْنَهُمُ إشارةُ خُرْسِ
8- يَغْتلي فيهمُ ارتيابيَ حتّى تَتَقَرَّاهُمُ يَدايَ بِلَمْسِ

المفردات :

1- مأتماً ( أَتَمَ ) : الجماعة من الناس في حزن ..جمع مَآتِم ، عرس : الزفاف والتزويج ..جمع أعراس ..
2- أنطاكية : أنطاكية مدينة عريقة وكبيرة تقع في جنوب تركيا وتتبع لواء الإسكندرونة وتبعد عن الحدود السورية بنحو 30 كيلومترا ، ارتعت ( روع ): فزعت
3- المنايا ( مني ) : مفردها المنيّة وهي الموت ، مواثِلٌ (مَثَلَ) ) : ماثلة وشاخصة وقائمة ، أنو شِروان : من أشهر ملوك الفرس ، يزجي ( زجو ): يرسل ويوجه ، الدّرفس : العلم أو الراية ..
4- عراك : قتال ، خفوت : هدوء وسكون ، إغماض : خفاء ، جرس : الخفي من الصوت ..
5- جِدّ : لم يهزل ، خرس : مفردها أخرس وهو من انعقد لسانه عن الكلام ..
6- يغتلي ( غلو ) : يتعاظم ، ارتيابي ( ريب ) : الشك ، تتقرّاهم ( قرو) : تتّبعه لتتحقق منه ..

الشرح:

1- يصف الشاعر إيوان كسرى الذي من يراه يوقن بأن الأيام والليالي قد جعلت الحزن سمة له بعد أن كانت لا تفارقه الأفراح ..
2- وقد امتلأ القصر باللوحات الجدارية الجميلة التي تصور حروب ومعارك الفرس مع الروم وقد شد انتباه الشاعر مشهدا على جدار القصر يمثل معركة دائرة بين الروم والفرس ويصفها وصفا دقيقا ..
3- وقد شُخِص فيها الموت وعنف اللقاء ، ويظهر فيها أنوشروان وهو يوجه جنوده ويدفعهم تحت رايته ..
4- وتدور رحى المعركة بين المقاتلين في سكون وهدوء وصوت خفي ، يكاد الشاعر يسمع صوت جرسا خافتا مبهما لا وضوح فيه من شدة إتقان الصورة ..
5- فالعين بكل ما تراه من حركة تكاد تقر أنهم أحياء ولكنهم يستعملون بينهم لغة الإشارة ..
6- تعاظم شكي في هذه اللوحة حتى ظننت أنهم أحياء بالفعل ، مما دفعني إلى لمسهم بيدي حتى أتأكد من كونها صورة لا حقيقة ..

الجماليات :

1- الأسلوب في البيت خبري يفيد التقرير ..
(مأتما ، عُرس ) طباق يوضح المعنى ويبرزه ..
(لو تراه علمت ) أسلوب شرط استخدم الشاعر فيه لو وهو حرف امتناع الجواب لامتناع الشرط ويؤخذ هذا على الشاعر ، ولكنه استخدمه لضرورة الشعر ..
( أن الليالي جعلت فيه مأتما ) استعارة مكنية شبه الليالي بالإنسان وحذف المشبه به وأتى بشيء من لوازمه وهو ( جعلت ) وسر جمالها التشخيص ..
2- الأسلوب في ( فإذا ما رأيتَ صورةَ أنطاكِيّةَ ارتَعْتَ بينَ رومٍ وفُرْسِ) خبري للتقرير ..
3- الأسلوب في البيت خبري للتقرير ..
(المنايا مواثل ) استعارة مكنية شبه المنايا بالإنسان وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه ( مواثل
وسر جمالها التشخيص ، وهي تدل على الرعب الذي أضفته الصورة في نفس الشاعر ..
4- الأسلوب في البيت خبري للتقرير ..
(عراك الرجال بين يديه ) صورة جميلة تدل على قوة أنوشروان وسطوته في المعركة ..
(خفوت ، إغماض ) ترادف يؤكد المعنى ويوضحه..
5- الأسلوب في البيت خبري للتقرير ..
(تصف العين ) مجاز مرسل علاقته الجزئية ..
6- الأسلوب في البيت خبري لإفادة التقرير ..

“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة

سينية البحتري وشوقي

حين نوازن بين هاتين القصيدتين ، فإننا نوازن بين القديم والجديد ، فنجد أن البحتري يفخر بنفسه ويعبر عن ذاته ويستحضر العبرة والعظة مما آل إليه الفرس ، بينما نجد شوقي يمزج بين الذاتية والتجربة العامة ، وهو يستلهم التراث ، ويتذكر ويقول الحكمة التي تنم عن فكر عميق وتأمل دقيق ؛ لذا تفوق شوقي على البحتري ..
اتفق الشاعران في إحساسهما بالألم ؛ فشوقي يتألم لضياع مجد العرب وتراثهم في الأندلس ، والبحتري يتألم لضياع إيوان كسرى ، إلا أن عاطفة شوقي وإحساسه بالمرارة أكثر وأشد إيلاما وعمقا ..
كلاهما أجاد في التعبير ، وكذلك أجادا في التصوير ..

الأفكار بين القصيدتين :

نرى البحتري يبين سبب الألم والحزن الذي أصابه ، ثم ذهابه للمدائن للتسري ، ووصفه إيوان كسرى الذي يدل على مصير الفرس وأخذ العبرة من كل ذلك . كما رأينا شوقي يبدأ قصيدته بالحنين للوطن ، ثم تعرض للتاريخ وعبره واصفا قصر الحمراء والذي يدل على المصير الذي لحق بالمسلمين وخروجهم من الأندلس مطرودين ..
فنجد الأفكار عند كليهما فيها ترابط وعمق ، واضحة لا تعقيد فيها ولا غموض ، وقد مال الشاعران إلى التحليل والتعليل ، وبالرغم من تعدد الأفكار عندهما إلا أن أفكار البحتري يربطها خيط واحد وهو أخذ العبرة والعظة من أثار السابقين ، بينما أفكار شوقي يربطها رابط واحد وهو الحنين إلى الوطن والأمل في العودة إليه ..

العاطفة في القصيدتين :

سيطر على كلا الشاعرين عاطفة الحزن والألم ؛ فشوقي يتألم لضياع مجد العرب وتراثهم في الأندلس ، والبحتري يتألم لضياع إيوان كسرى ، إلا أن عاطفة شوقي وإحساسه بالمرارة أكثر وأشد إيلاما وعمقا .. وقد كان لهذه العاطفة أثرها في التعبير والتصوير ..

“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة

الألفاظ بين القصيدتين :

لغة الشاعرين جزلة فخمة ، وقد أحسن الشاعران في اختيار الألفاظ التي تعبر عن المعاني ، فقد استخدما ألفاظا متجانسة مع بعضها ، وهي أشد وقعا من غيرها لتصوير العواطف وإيجاد التوازن الموسيقي ، فالألفاظ بصفة عامة سهلة موحية ملائمة للجو النفسي كما أن العبارات جاءت محكمة عندهما ..

الصور والأخيلة :

لقد عبر الشاعران عن عواطفهما بصورة دالة جميلة معبرة كان للبحتري الفضل في ابتكارها فنجد البحتري يصف تبدل حال الإيوان ( لو تراه علمت أن الليالي جعلت فيه مأتما من بعد عرس ) ويقلده شوقي في الصورة ( مشت الحادثات في القصر مشي النعي في دار عرس )..
ونجد الصور عندهما جزئية جاءت لتوضيح الفكرة وإبراز العاطفة ويميل الشاعران فيها إلى التشخيص ..

سينية البحتري دراسة أسلوبية

تكشف هذه الأبيات التى هى جزء من قصيدة طويلة عن مقدرة عظيمة على الوصف والتصوير للبحترى , يكاد لا يدانيه شاعر غيرة .

فقبل أن يصف البحترى المعركة المسجلة أحداثها على جدران الإيوان , وصف لنا حالته المزاجية التى رافقتة فى زيارته لإيوان كسرى .

فلقد نوه الشاعر بمآثره , ومنها ترفعه وتوقيره لنفسه وتماسكه وثباته أمام النوائب والخطوب .
بل كل ما أتاح له بلغ من صبابة أى قليل منه فى يقيم الأود ولا يذيد, ولقد ذهب إلى العراق أملاً فى نفع يصيبه أو مكانة يصبو إليها , فلم يظفر بما كن يأمل , وبخاصة ً بعد مقتل المتوكل .

فأدرك أن البقاء فى دمشق كان أجدى , ولكن هيهات , فقد كان بعض الناس يحول بينه وبينها .
فى زحام الهموم وجه ناقته إلى إيوان كسرى ليأسى ويتسلى عن سوء الحظ , فالشاعر والإيوان كلاهما قد أصابه من الدهر غير قليل, فلعل رؤية مصائب الآخرين تخفف من شدة الوطء عليه .
ولكن كيف حال الإيوان بعد أن هجره أهله من قرون ؟ إنه اشبه بالقبر الذى يرين عليه صمت عميق, على أن ساكنيه كانوا قوماً يحفل زمانهم بالعجائب .

“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة

فهذه صورة انطاكية على جدران القصر تحكى قصة المعركة التى دارت رحاها بين الفرس والروم , والصورة من فرط اتقانها تكاد تنطق بما عجز عنه اللسان .

فها هو أنوشروان وامامه صفوف المقاتلين , تحت ظل العلم الكبير ويرتدون ملابس ألوانها بين الأحمر والأصفر , وإنك لتحسب أنهم أحياء يديرون المعركة بصوت خافت , فهذا حزر وذاك خائف ويرفع الترس فى وجه عدوه ويتقى ضربة السيف.

ولا تملك العين إزاء ما ترى إلا أن تخدع , فتعتقد أن الرجال أحياء يرزقون يتبادلون الضربات بينهم.
وتبلغ دقة الوصف زروتها حين يقول الشاعر : ويغلتى فيهم إرتيابى حتى ……. تتقراهم يداى بلمس .

فقد استسلمت العين للخداع , ولم تعد ترى فيما يعرض لها إلا حقائق وأناس لهم دم ولحم . فيعمد الشاعر إلى أداة أخرى من أدوات الحس وهى اليد , فيمر بها على الرسم ليوقن من أنه أمام صورة على جدار , وليس كما توهم العين أنها أمام رجال أحياء .

قصائد البحتري مع الشرح

كان البحتري شاعر الخليفة العبّاسي المتوكِّل فلما قُتل حزن عليه و رثاه فضاق به ابن المتوكل الذي كانت له يد في قتل أبيه ،و شعر منه بجفوة و فترت العلاقة بينهما فامتلأت نفس البحتري همَّا و ذهب إلى المدائن في رحلة يسلي بها نفسه ، فوقف أمام قصور الفرس فنظم قصيدة يصف فيها إيوان كسرى وصفا حسيا رائعا ،ثم يحاول الانتقال إلى المعنويات –إلى تاريخهم و عظمتهم ، تقع القصيدة في ستة وخمسين بيتا ، عشرة منها في ذكر حاله و شكوى دهره ، وستة في السبب التاريخي لهذه الوقفة ،ثم خمسة أو ستة في ذكر عظمة الفرس ،و ستة في ذكر أحوال خاصة. وما بقي فوصف للإيوان وقد تفنن فيه الشاعر،و قد فاضت خواطره و تأملاته و آلامه ،و نبعت من تجربته الشعرية هذه القصيدة

صنت نفسي عَمّا يدنس نفسي pdf

“هنا” شرح قصيدة البحتري في وصف ايوان || كاملة

1-صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفســي وَتَرَفَّعتُ عَــن جَدا كُلِّ جِبسِ
2-وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهـ رُ اِلتِماساً مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي
3-حَضَرَت رَحلِــيَ الهُمومُ فَوَجَّـه ـتُ إِلى أَبيَضَ المَدائِــنِ عَنسي
4-أَتَسَلّـى عَــنِ الحُظــوظِ وَآسى لِمَحَــلٍّ مِــن آلِ ساســانَ دَرسِ
5-أَذكَرتِنيهُـمُ الخُطــوبُ التَوالي وَلَقَــد تُذكِــرُ الخُطــوبُ وَتُنسي
6-وَهُــمُ خافِضونَ فــي ظِلِّ عالٍ مُشرِفٍ يَحسِـرُ العُيونَ وَيُخسي
7-نَقَـلَ الدَهــرُ عَهدَهُـنَّ عَــنِ ال جِدَّةِ حَتّــى رَجَعــنَ أَنضاءَ لُبسِ
8-فَكَــــأَنَّ الجِرمـــازَ مِــن عَــدَمِ ا لأُنــسِ وَإِخلالِــهِ بَنِيَّـــةُ رَمسِ
9-لَــو تَـــراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللَيالــي جَعَلَت فيــهِ مَأتَماً بَعــــدَ عُرسِ
10-وَهــوَ يُنبيـكَ عَـن عَجائِبِ قَــومٍ لا يُشابُ البَيانُ فيهِم بِلَبسِ
11- وَإِذا مارَأَيـتَ صــورَةَ أَنطا كِيَّــةَ إِرتَعــتَ بَيــنَ رومٍ وَفُـرسِ
12- وَالمَنايا مَواثِـلٌ وَأَنوشَر وانَ يُزجى الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفسِ
13في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عَلى أَص فَرَ يَختالُ فـي صَبيغَةِ وَرسِ
14- وَعِـراكُ الرِجالِ بَينَ يَدَيهِ في خُفوتٍ مِنهُـم وَإِغماضِ جَرسِ
15- مِـن مُشيحٍ يَهـــوى بِعامِلِ رُمحٍ وَمُليحٍ مِــنَ السِنــانِ بِتُرسِ
16- تَصِـفُ العَــينُ أَنَّهُم جِــدُّ أَحيا ءٍ لَهُــم بَينَهُــم إِشــارَةُ خُرسِ
17- يَغتَلـــــي فيهِــم اِرتيِابـــي حَتّــى تَتَـقَرّاهُـــمُ يَـــدايَ بِلَمــس