– القصيدة :
قال محمد بن ظفر بن عمير الكندي الملقب بالمقنع الكندي ( توفي 69 هـ / 689م – العصر الأموي) قصيدته الشهيرة – قصيدة دين الكريم – من البحر الطويل :
1 – يُعَاتِبُنِي فِي الدَّيْنِ قَوْمِي وَإِنَّمَــا**** دُيُونِيَ فِي أَشْيَاءَ تُكْسِبُهُمْ حَمْدَا
2 – أَلَم يَرَ قَومي كَيفَ أوسِرَ مَرَّة **** وَأُعسِرُ حَتّى تَبلُغَ العُسرَةُ الجَهدا
3 – أَسُدُّ بِهِ مَا قَدْ أَخَلُّوا وَضَيَّعُوا***ثُغُورَ حُقُوقٍ مَا أَطَاقُـوا لَهَا سَدَّا
4 – فَمَا زَادَنِي الْإِقْتَارُ مِنْهُمْ تَقَرُّبًا**وَلا زَادَنِي فَضْــلُ الْغِنَى مِنْهُمُ بُعْدَا
5 – وَفِي جَفْنَةٍ مَا يُغْلَقُ الْبَـابُ دُونَهَـا ****مُكَلَّلَـةً لَحْمًا مُدَفَّقَـةً ثَــرْدًا
6 – وَفِي فَرَسٍ نَهْدٍ عَتِيـقٍ جَعَلْتُــهُ**** حِجَابًا لِبَيْتِي، ثُمَّ أَخْدَمْتُهُ عَبْــدا
7 – وَإِنَّ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي أَبِـــي**** وبَيْنَ بَنِــي عَمِّـي لَمُخْتَلِفٌ جِدَّا
8 – أَرَاهُمْ إِلَى نَصْرِي بِطَاءً وإنْ هُــمُ **** دَعَوْنِي إِلَى نَصْرٍ أَتَيْتُهُمُ شَدَّا
9 – فَإِنْ أَكَلُوا لَحْمِي وَفَرْتُ لُحُومهُمْ**وَإِنْ هَدَمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لَهُمْ مَجْدا
10 -وَإِنْ ضَيَّعُوا غَيْبَي حَفِظْتُ غُيُوبَهُمْ** وإنْ هُمْ هَوُوا غَيِّي هَوِيتُ لَهُمْ رَشْدًا
11 – وَلَيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ *** دَعوني إِلى نَصرٍ أَتَيتُهُمُ شَدّا
12 – وإنْ زَجَرُوا طَيْرًا بِنَحْسٍ تَمُرُّ بِي****زَجَرْتُ لَهُمْ طَيْرًا تمُرُّ بهِمْ سَعْدَا
13 – وَإِن هَبطوا غـــوراً لِأَمرٍ يَســؤني**** طَلَعــتُ لَهُم مـا يَسُرُّهُمُ نَجــدا
14 – فَإِن قَدحوا لي نارَ زنــــدٍ يَشينُني*** قَدَحتُ لَهُم في نار مكرُمةٍ زَنـدا
15 – وَإِن بادَهونـي بِالعَـــداوَةِ لَم أَكُــن****أَبادُهُمُ إِلّا بِما يَنـــعَت الرُشـــدا
16 – وَإِن قَطَعوا مِنّي الأَواصِر ضَلَّةً**** وَصَلتُ لَهُـم مُنّي المَحَبَّــةِ وَالوُدّا
17 – وَلاَ أَحْمِلُ الْحِقْدَ الْقَدِيمَ عَلَيْهِمُ*** وَلَيْسَ رَئِيسُ الْقَوْمِ مَنْ يَحْمِلُ الحِقْدَا
18 – فَذلِكَ دَأبي فـــي الحَياةِ وَدَأبُهُم****سَجيسَ اللَيالي أَو يُزيرونَني اللَحدا
19 – لهُمْ جُلُّ مَالِي إِنْ تَتَابَعَ لِــي غِنًى*** وَإِنْ قَلَّ مَــالِي لَــمْ أُكَلِّفْــهُمُ رِفْـدَا
20 – وَإِنِّي لَعَبْدُ الضَّيْفِ مَا دَامَ ثَاوِيًـا** وَمَا شِيمَةٌ لِي غَيْرَهَا تُشْبِهُ الْعَبْدَا
21 – – عَلَى أَنَّ قَوْمِي مَا تَرَى عَيْنُ نَاظِرٍ***كَشَيْبِهُمُ شَـيْبًا وَلاَ مُرْدِهِمْ مُرْدَا
22 – بِفَضْلٍ وَأَحْلاَمٍ وَجُودٍ وسُــؤْدُدٍ*** وَقَــوْمِي رَبِيعٌ فِي الزَّمَانِ إِذَا اشْتَــدَّا
ثالثاً – نظرة عروضية :
القصيدة من البحر الطَّوِيْل وزنه بحسب الدائرة العروضية:
فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ ** فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ
لا يستعمل هذا البحر إلا تاما وجوبا.
ضابطه :
طَويلٌ لَهُ دُونَ البُحورِِ فضائل ** فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِلُ
للبحر الطَّوِيْل عروض واحدة تامة مَقْبُوضَة (قبضها واجب) ، وهو زحاف جارٍ مجرى العلة ، ولها ثلاثة أضرب صحيح (مَفَاْعِيْلُنْ) ، مقبوض ( مَفَاْعِلُ) مثل عروضته ، و محذوف معتمد (مَفَاْعِيْ ) – ويستحسن قبض “فَعُوْلُنْ” الواقعة قبل هذا الضرب.
أ – قصيدة شاعرنا المقنغ الكندي : عروضها مقبوضة وجوباً، وضربها صحيح ، وهذا وزنها:
فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِلُنْ*** فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ
أما الزحافات والعلل في البحر الطَّوِيْل فيجوز في حشو الطَّوِيْل:
(مَفَاْعِيْلُنْ) تَصْبَحُ : مَفَاْعِيْلُ ، مَفَاْعِلُنْ
(فَعُوْلُنْ) َتصْبَحُ : فَعُوْلُ ،عُوْلُنْ ، عُوْلُ.
ب – في هذا العجز: (طَلَعــتُ لَهُمْ مـا يَسُرُّهُمُ نَجــدا) ، قد ورد في كلّ المراجع والمصادر بهذه الصيغة ، وكان ثقيلاً مكروهاً على أذني ، ولم أرَ من أشار إليه أو قطّعه عروضيا ، والحق فيه ثلاثة زحافات تعاقبت في حشوه، أحدها مكروه ، وهي قبض (فَعُوْلُنْ) الأولى فأصبحت (فَعُوْلُ) ، وكف ( مَفَاْعِيْلُنْ) الأولى فأصبحت (مَفَاْعِيْلُ) ، وثرم ( فَعُوْلُنْ) الثانية فأصبحت (عُوْلُ ) ، التقطيع :
طَلَعــتُ لَهُمْ مـا يَسُرُّهُمُ نَجــدا
طَلَعْــتُ / لَهُمْ مـا يَ/ سُرْرُ/ هُمُو نَجْــدا
فَعُوْلُ / مَفَاْعِيْلُ / عُوْلُ / مَفَاْعِيْلُنْ
ج – البيتان الثامن والحادي عشر متشابهان في المعنى واللفظ ، وكل المصادر والمراجع التي أعتمدت عليها تدونهما ، ولكن المشكلة العروضية ، جميع ما أعتمدت عليه تكتب عجز البيت الحادي عشر هكذا : (دَعوني إِلى نَصيرٍ أَتَيتُهُمُ شَدّا)، وبهذا التشكيل يكسر الوزن إلا بحذف الياء من ( نصيرٍ ) ، لتكون ( نصرٍ) ، فيصبح العجز (دَعوني إِلى نَصرٍ أَتَيتُهُمُ شَدّا)، فيكون التقطيع :
فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُ مَفَاْعِيْلُنْ
لأن لو قبلنا بما أتت به كل المراجع والمصادر التي أعتمدت عليها ، ورضينا بقبض
(مَفَاْعِيْلُنْ) في الحشو ، وسكّنا ميم فتكون (أَتَيتُهُمْ) لكانت التفعيلة الثالثة في العجز ( فَاعِلَنْ) ، وهذه ليست من تفعيلات البحر الطويل ، يعني يكون التقطيع (فَعُوْلُنْ مَفَاْعِلُنْ فَاعِلَنْ مَفَاْعِيْلُنْ).
من كل هذا أريد أن أقول إن البيت الحادي عشر منحول ، وليس من القصيدة على أغلب الظن !!!
والسؤال الأهم كيف عبر هذا البيت من يومه حتى يومنا ؟!! وتنقله المراجع والمصادر والمواقع حتى الأدبية المتخصصة ، ليس من ناحية العروض فقط ، ولكن تكرار المعنى واللفظ للبيت الثامن ، والثامن أقوى تشكيلاً.
د – في عجز البيت الثامن عشر :(سَجيسَ اللَيالي أَو يُزيرونَني اللَحدا) ، هنالك احتمالان لإعراب (أو) ، إما أن تكون عاطفة ، فالفعل (يُزيرونَني) ، تلفظ فيه النونيَن ، نون الجمع ونون الوقاية ، وتختلس الياء للكسر ، فيكون تقطيع العجز : (فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ) ، وإما أن تكون (أو) أداة نصب للفعل المضارع ، ففي هذه الحالة تحذف نون الجمع ، وتبقى فقط نون الوقاية ، فيلفظ الفعل بنون واحدة هي نون الوقاية ، وعليك تحريك ياء المتكلم بالفتح (يُزيرونيَ) ، ويبقى التقطيع السابق نفسه ، والله خير الحاكمين .
تحديد فكرة النص :
عرض الشاعر في ابياته ما تحلى به من الشرف و المكانة بين قومه و ما بذل من اجلهم من مال الذي يكسبهم ثناء و رفعة فداهمه عتابهم على كثرة انفاقه المال و استدانته له منهم فانبرى مدافعا عن سلوكه الذي يرفع من مكانتهم بين القبائل كيف لا و هو السيد الشريف الكريم و الراعي الامين للسيرة المحمودة لقبيلته و مكارمها العالية
أثناء قراءة النص :
1- اقرأ القصيدة قراءة صامتة مدققا في المعنى و اكتب الافكار الآتية مقابل ما يناسبها من ابيات النص الشعري :
– تناقض وجهات النظر بين الشاعر و ابناء عمومته
– عتاب القبيلة زعيمها في الدين و دفاعه عن ذلك
– تسامي الشاعر عن عداوة قومه و تسامحه معهم
– تواصل الشاعر مع قومه نصرة و صونا و خيرا وصلة رحم
– حرص الشاعر على اكرام الضيف بما يليق به
– اصرار الشاعر على مواصلة بذل ماله من اجل ابناء قبيلته
2- احفظ القصيدة استعدادا لإلقائها في الصف و مناقشتها مع معلمك و زملائك
المقارنة والمقابلة بينه وبين قومه :
جسدت دالية المقنع الأخلاق الإسلامية و القيم الاجتماعية الأصيلة التي مثلها المقنع من إيثار و صلة رحم و كرم وشجاعة و نبذت في المقابل الصفات الرذيلة المعاكسة لها و التي مثلها في أبناء عمومته و اعتذاره لهم في الديون التي لحقت به وأصبحت سببًا في توجيه اللوم له و كان موقفه جريئًا في مناقشتهم و توجيه النقد لهم مع أنه لم يزل معتزًا بهم معترفًا بخصالهم و أفضالهم.
البيت الذي يوضح أثر البيئة في حياة الشاعر :
وإن زجروا طيرًا
يتمنى الشاعر لقومه الخير ويسعى لذلك من خلال طير السعد.
مايتوافق مع قول الشاعر في قصيدة درس مكارم الاخلاق عنتره العبسي :
و لا أحمل الحقد القديم عليهم و ليس كريم القوم من يحمل الحقد
إعراب ماتحته خط في قصيدة مكارم الاخلاق :
قومي : فاعل مرفوع بضمة مقدرة ، ياء المتكلم ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
الإقتار : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.